في طريقي الى مقهى الانترنت استوقفتني.. لم أتبين ملامحها للوهلة الأولى..لكن بعيد برهة وجدتني أرسم ابتسامة عريضة على وجهي الدي كان يتصبب عرقا على اثر مشيتي السريعة المعهودة..نادتني السيدة باسمي فدنوت منها بضع خطوات..تبينت المنادي كما أسلفت فانحنيت لكي أبصم قبلة تبرك وشوق عل ى هامة أم مينة العزيزة ..لقد عرفتها انها هي السيدة العجوز التي كانت تبيعنا القطا ني المسلوقة وحلوى التفاح قرب باب المدرسة ..مدرستي الابتدائية العتيقة..ضمتني أمنا مينة ضمة شديدة يختلط فيها الحنين والشوق ويزاحمهما رصيد المحبة الصادقة التي كانت تكنها لنا نحن الصبية التلاميد لأنها كانت تعتبر كل من يبتاع منها حبة تفاح..أو حبات فول.. هوابنها الدي طالما انتظرت انجابه..كثرت قبلاتها وأنا في الشارع..وقلت قبلاتي حياء من المارة..لكن همست بريد الحب الغالي الراسخ في احدى أدنيها وأنا منغمس في صدرها العابق برائحة النستالجيا الباكية..كدت أن أبكي لم أرها مند سنوات الابتدائية البتول المقدسة في خاطري..أأأهههه..أين الطفولة البريئة..أين هي .في ساعة العناق الحار تلك اجتمع الماضي اوالحاضر في عيني..كل شيء كل دكرى عطرة عشناها بمعية هده الأم الحنون الرقيقة المشاعر.. أمنا مينة كانت امرأة عقيم لكن أبناؤها الأن كثر..كثر..يااااااااااااه قالت معاتبة أين أنت ياولدي ...أين أنت..تبارك الله ماشاء الله..هاقد سرت رجلا الأن..صورتك لم تختفي من بالي ..أنا لن ولم أنساك حتى لو سرت كهلا..فأخدتها عينها لوهلة وهمت باكية بكاء خافت اهتزت له أنسجت داكرتي بدكرياتي البعيدة..عندها نسيت أين أنا لم أهتم بمن حولي من مارة كثر..أعدت ضمها الى صدري للحظات كي أمنع دمعاتها من الانهمال الفضي الروح..وضعت كلتا يديها على وجهي الحمر من وهج الماضي الغابر..فقالت..أأه قل لي أين وصلت يابني..ماشاء الله ماشاء الله..لقد كبرت..قلت لها بوركت يا أمي .. أنا الأن في الجامعة..هده سنة التخرج بادنه تعالى..أنا أدرس لغة أجنبية وأتمنى من الله أن يوفقني الى أن أحصل على درجة عالية فيها..زمت سفتيها السوداوتين..بعينين مغرورقتين وهي تقول لا حرمكها الله يابني ووفقك الى ما يرضيه..وأتمنى أن تجد بها عملا يليق بجهدك هدا يارب..أأه كيف الأهل الكل من الصغيرة الى الكبيرة..قلت وأنا مشبك الأصابع منتصب القامة حمدالله الكل بخير..منهم من دهب الى الخارج ومنهم من تزوج ومنهم من لا يزال يدرس..على أية حال الكل لا يزال يأكل القوت وينتظر الموت..ستطردت ربي يحفظك ويسترك يا رب..سلامي لأهلك وقلبي معك ..وادا مت لا تبخل بزيارتك لقبري يابني أرجوك..فاسوقفتها.. أطال الله عمرك ونفعنا الله بك يا أمي..لا تعلمين كم اشتقت الى سكاكرك وفولك المسلوق..بارك الله فيك يابني تلك أيام قد خلت العمر يمشي ولا يعود الى القهقرةيابني..أمك مينة كبرت ولم تعد تقدر على صنع شي..أنا الأن لا أعيش الا مع أهل الاحسان والجود أمثالك يابني..على أية حال لا تنسانا ادا اشتغلت ولو بالدعاء..انحنيت مقبلا باكيا بكاء يتردد صداه في قرار قلبي..وقبل أن نفترق قدمت لها شيئا زادتني به دعاءا وبركة..تركنا بعضنا ..بعد أن أعدنا المضي بما فيه من دكرى جميلة بريئة الحركات واللحظات..لكن سرعان من انكشط بريقه ووجدتني مرة أخرى وسط سيل عارم من المارة ..حراره أم مينة كنت لا زلت أجدها تتردد حولي ..كنت أشعر أننا لا زلنا نتحدث ونطوي طيايات الماضي حيث وجدت ظهري يسند على دفة كرسي متين ويدي على ملمس الحاسوب وأنا في مقهى الانترنت..فستفقت من نومي اللديد داك..وانتبهت الى نفسي..ولساني لهج بدعاء لطالما رددته على مسامعنا ونحن نحيطها من كل جانب نرتشف ماء الفول الدافئ في في سماء المطر المتساقط .. أطال الله عمرها تلك أمنا مينة السوداء البشرة البيضاء القلب الصافي المحب..